مقالات

لا بُدَّ في طريق الوصال من تحمّل الأثقال

الفيض الكاشاني

 

مَنْ عَرَفَ ما يطلب، هانَ عليه ما يبذل، ومَنْ طلب نفيسًا خاطر بالنّفس...

مَنْ كانَ للهِ كانَ اللهُ له، مَنْ لَزِمَ بابَ الله أفلَح، ومَنْ سَعى في مرضاة الله أنجح، ومن اتّجر في سوق الله ربح، وهذا يا أخي شيءٌ لا يُنال إلّا بفضل الله ورحمته {وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ}

هذه الجادّة فأين السّالك؟!

هذه الرّغائب فأين الطّالب؟!

هذا قميصُ يوسف فأين يعقوب؟!

هذا طور سيناء فأين موسى؟!

هذا ذو الفقار فأين أبو الحسن الكرّار؟!...

واعجباه!!!

سبيلٌ كان آدم في سلوكها ينوح، ورُميَ فيها بالحجارة نوح، وقُذِفَ في النّار خليلٌ، وأضجع للذّبح إسماعيل، وبيعَ يوسف بثمن بخس ذا حنين، ولبِثَ في السّجن بضعَ سنين، وذهب بصرُ يعقوب، وضني بالبلاء أيوب، ونُشِرَ بالمناشير زكريّا، وأفرط داوود بالبكاء، وتنغَّص في الملك عيشُ سليمان.

وتحيَّر بِرَدِّ {لَنْ تَرَانِي} موسى بن عمران، وذُبِحَ الحصورُ يحيى، وهام في الفلوات عيسى، وشُجَّ جبينُ المصطفى وكُسِرَتْ رباعيّته في شدّة الأذى، وأصيب قرن المرتضى، وسُمَّ الحسنُ مرّة بعد أخرى، وقُتِل الحسين بكربلا، وابتلي أهل البيت بأنواع البلاء.

ونحنُ نطلُبها بالرسّم والمقال، وما أشبه هذا بالمحال؟!

بلى، لا بُدَّ في طريق الوصال من تحمّل الأثقال.

{الم (1) أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)} (سورة العنكبوت)

أوّل قدم في الطريق بذلُ المهجة، ثم سلوك المحجّة.

بدم المحبّ يُباعٌ وصالهم

فاسمح بنفسك إن أردتَ وصالا

{إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111)} (سورة التوبة)

تعليقات الزوار

الإسم
البريد الإلكتروني
عنوان التعليق
التعليق
رمز التأكيد